2‏/12‏/2012

رسالة إلى رئيس الحكومة السيّد: حمادي الجبالي : عبد الله بن يونس مكثر

السيد رئيس الحكومة، لقد آذيتنا كثيرا كثيرا... آذيت أهل سليانة ومعهم الشعب التونسي كلّه. ولذلك، ولأنني لا أستطيع ضربك بالحذاء فأنت لست أمامي، فسأقول لك كلاما مؤذيا بحجم ما ألحقته بنا من أذى.. أفعل هذا حتى لا تنفلق مرارتي من الغيض والحنق على أدائك الأرعن. وسأتحمل مسؤوليتي كاملة في ما أقول، وافعل بي ما تشاء.. أدخلني إلى سجنك أو اقتلني فأنا لا أخافك، لأنك لم تعد تخيف أحدا.. بل لعلك أصبحت كما بن علي في سنواته الأخيرة أضحوكة التونسين أو شق كبير منهم.
سأبدأ بالشرعية التي فلقتنا بها طول الوقت.. الشرعية يا سيدي تستمدّ من الشعب بموجب الانتخابات، وتلك لا تملكها أنت في شخصك ولا واليك على سليانة ولا وزير داخليتك. الشرعية الانتخابية (التي تعكس الإرادة الشعبية الأغلبية) كانت تملكها الترويكا، لأن التونسيين على ما أذكر صوّتوا بالأغلبية لهذه الأحزاب الثلاثة وليس لك ولا لأيّ شخص آخر. ولذلك يا سيدي فإن إقالة والي سليانة أو غيره من الولاة أو حتى إقالتك أنت ليست انقلابا ولا تهديدا للشرعية، فبإمكان الترويكا أن تعوّض من تقع إقالته. والانقلاب على الشرعية يكون في حالة الانقلاب على الأحزاب الفائزة بالانتخابات وليس على الأشخاص لأنه لا أنت فزت برئاسة الحكومة في انتخابات ولا واليك على سليانة جاء بشرعية انتخابية.
وهذه الشرعية الانتخابية كانت قد انتهت يوم 23 أكتوبر الماضي كما يعلم الجميع. وعوّضتها شرعية أخرى هي شرعية الإرادة الشعبية التي عبّر عنها التونسيون برضاهم على استمرار الترويكا فلم يطالبوا برحيلها وإن كان الكثير من التونسيين طالبوا برحيلكم لكن الإرادة هي للأغلبية كما هو معلوم في أبسط مبادئ الديموقراطية.
ولهذا يا سيّدي أنت الآن على رأس الحكومة ومعك حكومتك وولاتك بتلك الإرادة الشعبية التي لم تحترمها في سليانة عندما طالب أهلها برحيل واليك. طالبوا بذلك مرّات عديدة ولأكثر من 4 أشهر. وأنت تصمّ أذنيك وتقول الشرعية ولا نعلم هل تغالط نفسك أم تغالط الناس أم ذاك حدّ نيّتك. كان بإمكانك أن تحترم إرادة أهل سليانة وتغيّر الوالي بشخص آخر من حزبك أو من الترويكا ويتغيّر الوالي ولا تتغيّر الشرعية. وكان عليك أن تكون نبيها وتقوم بذلك وبمجرد أن طالب الناس به سلميا حتى تجنبنا ما حدث. لكنك للأسف لم تفعل. وحتى عندما اندلع غضب أهل سليانة وقد شعروا بأن إرادتهم لا تُحترم، تمسّكت وعاندت.. ربما أنت لا تدرك إرادة الشعب.. كنت غائبا في ثورة 14 جانفي وربما لك عذرك، ولذلك لم تقف على إرادة الشعب التي أطاحت بنظام بن علي.. ولذلك لا تعجبك كلمة "ديقاج" لأنك لم تسمع دويّها يوم صدحت بها عشرات الآلاف من الحناجر أمام داخلية الطاغية.. لو كنت حاضرا لعرفت المعنى العميق لتلك الكلمة.. ذلك المعنى الذي سيضاف إلى شرحها في المعاجم الفرنسية وسترى ذلك إذا كان يهمّك أن ترى..
بسبب عنادك يا سيّدي أو حسن نيتك أو جهلك بمعنى "ديقاج" أو بسبب سوء فهمك للشرعية جربت سلاحا جديدا فتاكا على أهل سليانة. هل ثمة حاكم يجرّب سلاحا على شعبه؟؟؟؟؟؟ وأرسلت رجال الأمن ليقمعوا إخوتهم ورأيت ورأى غيرك غضب أهل سليانة وجبروتهم في مواجهتهم.. كان يمكن أن يقتل الكثير من أعوان أمنك أو يؤخذوا رهائن أو ينكّل بهم لكن أهل سليانة أكثر عقلا ورويّة منك يا سيّدي ولذلك اشتدّ غضبهم ولم يخرجوا بنادقهم. بل لقد افتكّ أحرار كسرى أسلحة رجالك وذخيرتهم وكان يمكن أن يقتلوهم بها، لكنهم أعادوها إليهم ولم يمسوهم بأذى، ولهذا فأهل كسرى الذين لم تحترم إرادتهم أعقل منك وأكثر حكمة.
وربما للأسباب التي ذكرت أو لخصال فيك لا أعلمهما تسبّبت في آلام وعاهات دائمة للكثيرين من أهل سليانة وعرّضت الكثير من رجال أمنك للويلات، وتسببت في تعطيل الدروس عن أبناء سليانة لأيام متوالية، وتسببت في خسائر مالية كبيرة جدا سيدفعها الشعب التونسي ( مراكز أمن وسيارات ومعتمديات وقباضات ومئات الألاف من أيام العمل الضائعة في الإضراب العام...) كما تسببت في تشويه صورة تونس التي أصبح الصحفيون المحليون والأجانب يضربون بالرصاص على أرضها أثناء أداء واجبهم وقد كنا قبلها نسمع عن هذه الأفعال في أماكن أخرى بعيدة .. كما تسببت يا سيدي في زرع الشقاق بين أنصارك والمطبلين لك وبين الشعب الثائر المطالب بحقه... كم هي كبيرة أذيتك لتونس وأهلها بما أحدثته في سليانة.. كان بإمكانك الاستماع إلى إرادة الشعب الذي تظاهر وطالب برحيل واليك، كان عليك أن تدرك أنّ تغييره بآخر من حزبك أو من ائتلافك لا يمسّ الشرعية في شيء.. كان عليك أن تدرك أن الشرعية الحقيقية هي احترام إرادة الشعب والسّهر على مصالحه.. كان عليك أن تتعقّل ولا تعاند الناس لأنهم أصناف ومراتب وليس لديهم جميعا ما يكفي من الوعي حتى لا يحرقوا ويخربوا.. كان يفترض أن يكون العقل منك وأنت رئيس الحكومة.. لكنك ركبت رأسك وعاندت إرادة الناس بغباء شديد وبخبرة هزيلة جدا فكانت النتيجة كل هذه الخسائر... والآن لن تجدعندك قوّة لمغالبة إرادة أهل سليانة وستقيل واليك لكن بعد كل الخسائر التي ذكرت. وهذا لأنك لا تتمتّع بالنباهة وليس لديك ما يكفي من الفطنة والرّويّة لتتصرف بما يقتضيه الحال وفي الوقت المناسب. ولهذا يا سيدي فأنت لا تصلح لتكون رئيس حكومة الشعب التونسي.
كان على المجلس التأسيسي سحب الثقة منك وإقالتك أنت ووزير داخليتك وواليك.. وكان يفترض أن تحاكم على هذه السياسة الخرقاء التي لا تجلب إلا المصائب.. ولكن لأن المجلس التأسيسي لا يهتم لأمر البلاد، أو ربما لأن ائتلافك ذا الأغلبية يحول دون إقالتك أو محاسبتك فهم خدمك أنت وليسوا خدما للشعب والوطن...
كان عليك أن تستقيل تكفيرا عن ذنبك الشنيع.. كان على وزير داخليتك أن يستقيل أيضا.. لكنك للأسف لا تملك هذا الحسّ الوطني ولا تتمتّع بالكياسة ولذلك أنت تبقى في منصبك تبتسم وكأن شيئا لم يحدث.. ولهذا على التونسيين أن يقيلوك ويقيلوا وزير داخليتك، بل عليهم أن يعاقبوكما على ما اقترفتماه في حق تونس وأبنائها..
أنا من ناحيتي أقول لك: لقد فشلت فشلا ذريعا فارحل "Degage ".
( ليس من عادتي أن أقول ما قلت من كلام جارح ربما، ولكن وأنا أرى ما تفعله يا رئيس الحكومة وأسمع ما تصرح به ذكرت قول عمرو بن كلثوم: "ألا لا يجهلنْ أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا"
فقلت ما قلت. وأنت تستحق أكثر منه. وليكن ما يكون.)
عبدالله بنيونس مكثر في 01 – 12 - 2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق